تحت عنوان “عاد درٌ الزيتونة إلى معدنه” صنعت الدورة 44 من المهرجان الدولي للزيتونة بالقلعة الكبرى الحدث الثقافي في ابهى تجلياته ليعود موقع المهرجان إلى سالف وهجه وإشعاعه ومكانته المرموقة عودا على عراقته واعترافا بإسهامات ومجهودات مؤسسيه ثم العمل الجماعي المثمر من لدن الهيئة الموسعة لجمعية مهرجان الزيتونة وسعي مدير الدورة الحالي الأستاذ : حاتم درور إلى إشعاع المهرجان على مختلف الفنون واستجابتها لانتظارات كل الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية ، مما حدا بالتظاهرة بأن تستعيد شعبيتها وجمهورها وما كرنفال الإفتتاح الضخم المنتظم يوم 21 ديسمبر 2025 إلا أكبر دليل على الانطلاقة الموفقة والناجحة للدورة الحالية التي شرٌكت مختلف الجمعيات وابدت تعاونها المجدي مع مختلف مكوٌنات المجتمع المدني بالقلعة الكبرى ثم انفتاحها على جمعية أوسو سوسة والتعاون الثنائي لإنجاح فعاليات حفل الإفتتاح من خلال اللمسة الإبداعية للفنان محمود الخليفي التي ابهرت الكرنفال واغدقت عليه جمالية فوق الوصف… ثم تواصلت بنسق تصاعدي فقرات المهرجان بتدشين معرض الفنون التشكيلية الذي نسق فعالياته الفنان التشكيلي وابن القلعة الكبرى سمير شوشان.

 شريط وثائقي حول الأستاذ عبد العزيز بلعيد : رجل دولة.. رجل ثقافة

ارتات هيئة مهرجان الزيتونة الدٌولي بالقلعة الكبرى ان تضع الدورة تحت اسم رجل الثقافة عبد العزيز بلعيد أطال الله في عمره، احد ابرز مؤسسي المهرجان منذ الثمانينات، لذا واعترافا بجميله وتثمينا لمجهوداته من اجل النهوض بالمشهد الثقافي المحلي بمدينة القلعة الكبرى مسقط رأسه، ارادت ان تنجز شريطا وثائقيا يخلٌد مسيرة الرجل الغويرة بالعطاء، حيث ضم الشريط ذاكرة التأسيس وانبعاث الأيام الثقافية للزيتونة بالقلعة الكبرى في اول سنة 1980 ثم احتوى على شهادات حية لمثقفين عايشوا الأستاذ عبد العزيز بلعيد وواكبوا انطلاقة المهرجان . يعتبر هذا الشريط لبنة ذات جدوى وإضافة لذاكرة المهرجان والتوثيق له حتى لا يندثر تاريخه ويبقى مرجعا للأجيال اللاحقة.

 حين تغمٌس القصائد برحيق الزيت في ليلة شتوية

وصولا إلى يوم الثلاثاء 23 ديسمبر الذي عاش على ايقاع سهرة شعرية رائقة ومعطرة بلذيذ القصائد احتضنتها دار الثقافة القلعة الكبرى وجمٌل زواياها ديكور لافت راوح بين اللمسة العتيقة ودهشة اللوحات التي عكست فتنة المدن التونسية وأصالة تاريخها.. ومما زاد في جاذبية السهرة حسن التنظيم وحفاوة الإستقبال والحضور الذي استمتع بنقاوة وعلو كعب الوصلات الموسيقية والغنائية التي وفٌق كل من عازف القانون الأستاذ جمال حلاوة والفنان عازف العود الأستاذ فهمي بوجرة في اختياراتهم وابهروا السامعين بموشحات من المالوف التونسي واغاني العندليب الأسمر عبد الحليم وتسلطن فهمي بوجرة في كوكتال وردة الجزائرية …

في حين أمٌن الإلقاء الشعري كل من الشعراء والشاعرات ضيوف المهرجان : لهام حبٌوب من سوريا ونيفين الهوني من ليبيا وثلة من شعراء الجهة على غرار : دلالة جاء بالله، مؤلفة “أدراستيا ” ، جلال باباي، محمد الناصر العكروت ثم راضية الشهايبي وفاطمة الخضراوي. لتستقيم السهرة الشعرية أشبه بخيمة دافئة بطعم الحب، وحَّدَتنا الكلمات النابضة بالصدق والإخلاص للمكان والزمان (زيتونة القلعة الكبرى، غزة ورهافة الأحاسيس وباقيات ركض خلف صهيل الريح فانتشيْنا بِشَدْوِ الأغنيات وبهارات القصائد تملأ الفضاء بِصَفوة المعني وحرير اللغة .

 نتوجه بالشكر الى هيئة المهرجان الدولي للزيتونة على تشجيع مبدعي القلعة الكبرى وكذلك تشريك أبناء تونس إضافة إلى المقيمين بتونس من الدول الشقيقة والصديقة.. لا نملك في الأخير إلاٌ أن نُربٌتَ على كفاءة الاعلامية المتميزة عروسية بوميزة في تنشيط السهرة شاكرين لها حسن التنسيق لجمع هذا الشمل الجميل وتضرب لنا فرصة تاريخية للقاء الأصدقاء والإخوة والشعراء تحت خيمة واحدة .

الشكر الموصول لِمَن لبّى النداء لسطوة القلم والقرطاس وشرّفنا بحضوره الأنيق حتى ننحت لوحة فسيفسائية ستبقى منقوشة في ذاكرة المهرجان.

 جلال باباي