بقلم سلوى مباركة العلوي

يقدّم معرض «اللاجسد | Le Non Corps» تجربة فنية معاصرة تنطلق من مساءلة التمثلات التقليدية للجسد، وبالأخص الجسد الأنثوي، داخل الخطاب البصري والثقافي. يقوم المشروع على تفكيك صورة الجسد بوصفه حضورًا مكتملًا، ليقترحه كأثر، كغياب، أو كمساحة توتّر بين المرئي واللامرئي.
انبثقت فكرة المعرض من الهوة القائمة بين الأنثى والذكر، ومن التفاوت في تمثيل الجسدين داخل الممارسات الفنية والاجتماعية، حيث غالبًا ما يُحمَّل الجسد الأنثوي فائضًا من الدلالات والقيود الرمزية. ومن هنا، يسعى «اللاجسد» إلى اختراق هذه النماذج الجاهزة عبر إزاحة مركز النظر من الجسد المصوَّر إلى فعل النظر ذاته.
يعتمد المعرض على تقنيات رقمية وعروض أدائية، من بينها ثلاثة عروض فيديو وظّفت فيها تقنية المابينغ، حيث يظهر الجسد في حالة تشظٍّ عبر أربع فتحات فيديو، يقدّم كل منها أجزاء مجزّأة من الجسد، بما يعزّز فكرة التفكيك والغياب بدل التمثيل الكلّي.
وتحتلّ المرايا العاكسة موقعًا محوريًا داخل التركيب الفني، إذ لا تعمل على عكس الصورة فحسب، بل تُدخل المتلقي داخل العمل، حيث يتداخل انعكاس جسده مع الفيديو الرقمي المعروض، ليترك أثره داخل الصورة. وبهذا، يتحوّل المتلقي من مشاهد خارجي إلى عنصر فاعل في التجربة الفنية، ويُعاد طرح سؤال الجسد بوصفه فضاءً مشتركًا بين الذات والآخر.
من خلال هذا الاشتغال، يقترح «اللاجسد» قراءة بصرية نقدية لعلاقة الجسد بالصورة والوسيط الرقمي، ساعيًا إلى زعزعة أنماط التمثيل المألوفة وفتح أفق تأويلي جديد للتجربة الجمالية المعاصرة.