كاميرا البيان: رياض الغربي

جمهور متنوع من مختلف الفئات والأعمار إلتقى في مدارج مسرح الهواء الطلق بالحمامات ليتابع عرضا انتظره طويلا منذ الإعلان مطلع شهر جويلية الفارط عن البرمجة الرسمية للدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي. وقد كان امتلاء مقاعد المسرح قبل موعد الحفل بوقت طويل مؤشرا على الشعبية التي ما يزال يتمتع بها الشاب مامي بعد مسيرة فنية ناهزت خمسة وأربعين عاما.

انطلقت مسيرة الشاب مامي من مدينة سعيدة جنوب وهران، حيث ولد سنة 1966. وكانت النقلة الكبرى في مسيرته أثناء مشاركته في مهرجان مرسيليا سنة 1986، ليصبح أحد أبرز نجوم الراي. ويعدّ الشاب مامي أول مغني راي يسجل ألبوما في فرنسا فاتحا بذلك الطريق أمام جيل كامل من الفنانين. وشارك في تعاونات فنية مع أسماء عالمية مثل ستينغ وزوكيرو وسميرة سعيد، فحافظ طوال مسيرته على قدرته في الجمع بين الإيقاعات الشرقية والغربية وإضفاء طابع شخصي على أغانيه يمزج بين الطابع الشعبي والإيقاعات العالمية.

مع انطفاء الأضواء على مدارج المسرح، أطل مامي بخطواته الواثقة وحضوره الركحي القوي ما أهّله ليجذب الانتباه والتفاعل مع الجمهور من خلال حركاته وابتسامته من ناحية والتواصل مع مجموعته الموسيقية من ناحية أخرى.

اختار الشاب مامي أغاني هذه السهرة للجمهور التونسي بعناية فائقة، فكان الإيقاع تصاعديا منذ بدايته مع أشهر أغانية وأقربها إلى قلوب مستمعيه “AZWAW”، ثم تلتها باقة من الأغاني مثل LET ME CRY وMA VIE 2 FOIS، ثم LAZRAG وMADANITE. تواصلت الرحلة الموسيقية مع MELI-MELI A وTZAE-TZAE وKOUM TARA، قبل أن يمنح الجمهور لحظات شجن مع DOUHA وBLADI. وعاد بعد ذلك إلى الإيقاع الصاخب مع MAMAZAREH، وواصل مع HAOULOU وFATMA.

وكان واضحا أن الجمهور لم يأت ليستمع إلى أغانيه فقط وإنما ليعيش تجربة لقاء مع فنان شكل جزءا من ذاكرته الموسيقية. وراوح الحفل بين الأعمال الكلاسيكية التي صنعت شهرته والأغاني التي رسخت حضوره في الساحة العالمية في توازن يعكس مسيرة فنان يعرف جيدا كيف يحافظ على جمهوره ويجدده في الوقت نفسه واستطاع أيضا أن يحافظ على صوته ورسالته وأن يظل أحد أبرز سفراء الراي في العالم.

وأثبت الشاب مامي بعد مسيرة فنية ناهزت 45 عاما أنه أمير الراي الذي لا يشيخ. وقد مثّلت هذه السهرة للحاضرين احتفالا بالذاكرة الجماعية لآلاف المعجبين الذين كبروا على أنغام الراي، فكان الحفل جسرا بين تونس والجزائر وبين الراي التقليدي وروحه العصرية وبين الحنين للماضي وتطلعات الحاضر.