توطئة: غنٌت فيروز فاطربت: ” من لم يلملم ذكريات لطفولته وفتوته وصباه.. من لم تلمس هذه الأغنية بقلبه جراحا ً قديمة.. لملمت ذكرى لقاء الأمس “…  لم اجد افضل وأجمل ما غنٌته السيدة فيروز لأشرٌع قلمي وادوٌن ما تيسٌر في شأن محطة تشكيلية افتتحت فعالياتها باحواز تونس الشمالية، حيث شهد مؤخرا رواق المركز الثقافي” فاضل بن عاشور” بمدينة المرسى حفل تدشين معرض الفن التشكيلي للثنائي: محمد علي خواجة وحذامي سلطان.

 وقد جاء اختيار عنوانه: “حنين تونسي”، حيث نستنبط عبر العنوان الكثير من التأويلات ويحيلنا على ضفاف الذاكرة وتفاصيلها الوارفة بالمواعيد وما تحمل لحظاتها من عطر عبق بالفرح وما جاورها من نثار أرق… هي كما يستشفها القلب جملة من احاسيس ومشاعر فياضة اختزلتها انامل الرسامين فدوٌنتها الفرشاة نبضات ساخنة على بياض القماشة لتغترف من معينها الأفئدة جذوة حب وصفاء…

 لم تهدأ النفوس من الحديث في شأن محتويات المعرض وتضاعفت الرغبة في التامٌل لقراءة ما خفي وراء اللمسة التجريدية لحذامي سلطان الغزيرة بشجونها حينا والمليئة بالجنوح إلى زوايا من أماكن طفولتها الاولى قصد استرجاع ما تيسٌر من لحظات الفرح والغبطة احيانا كثيرة .. فتوزٌعت الالوان على اللوحة تاركة نصيبا وافرا من البياض للإنفلات إلى بقاع تذكارية ومرجع اهتمام التشكيلية حذامي سلطان لتسليط عيون المتقبٌل نحو معمار المدينة القديم بدا شفافا ورقيقا.

 أمٌا الفنان التشكيلي  محمد علي خواجة وبفضل تراكمات خبرته ووعيه بطقوس اللعبة الفنية قد انفرد مقارنة بأعماله في اول تجربته بلمسة مخصوصة في معرض “حنين تونسي” حيث بدت وجوه وملامح النسوة وحراك نبضاتهنٌ مدهشة في الأماكن العتيقة المعطرة بشذى الانتماء القوي للهوية العربية عامة والتونسية بالخصوص، لتستقيم لوحات خواجة منتصرة لنواميس المكان والزمان، في حين راوح الرسام للإفصاح دون عنوة على شغف فرشاته بالموروث التقليدي واحتكامها لسكنات وحركات الوجوه والأفئدة فانجلت يسيرة في قرائتها فائقة الروعة رغم اصطفافها في الزحام تدعوك في لحظة من التيه إلى مزيد التامٌل والتفكير لعلٌها تذيب نسيانك وتصالحك مع ماضيك.

 قراءة ومتابعة : جلال باباي