أسدلت أيام قرطاج المسرحية الستار، الأحد، على دورتها الرابعة والعشرين، والتي كانت دورة عامرة بالعروض المسرحية المشاركة بالمسابقة من كل البلدان العربية إلى جانب عرض أفريقي وحيد قادم من الكوت ديفوار، كما كان هناك حضور لافت للمسرح الروسي خارج المسابقة من خلال عرضين أحدهما العرض الروسي “الدب” للمخرج أيا ارحيبوف، والآخر عرض بعنوان “تشيخوف 3d”.
وكان معز مرابط رئيس المهرجان قد ذكر في كلمته التي ألقاها في الختام أن المسرح فعل مقاومة، حيث قال “يستعصي علينا في هذه اللحظات أن نعلن ببعض الكلمات اختتام هذه الدورة الـ24، دورة استثنائية جرت في ظروف استثنائية حيث شاءت الأقدار أن يتزامن انعقادها مع حرب الإبادة التي يفرضها الاحتلال على شعب غزة وفلسطين، ومن منطلق الإيمان بأن المسرح تعبير مقاوم يرنوا دوما إلى تحقيق إنسانية الإنسان وترسيخ قيم الجمال والحرية واحترام حقوق الإنسان والشعوب في تقرير المصير، صممنا أن نضع هذه الدورة على درب المقاومة ونصرة القضايا العادلة وأن نصدح عاليا بعروضنا وبكل ما أوتينا من أدوات الفن الرابع النبيل لإيقاف همجية العدوان الغاشم وتقتيل الأطفال والنساء العزل الأبرياء ووضع حد لاغتصاب الأرض وتجهير أصحاب الحق من وطنهم، ورفض كل أساليب التطهير العرقي الذي خطط له الكيان المحتل ولا يزال يواصل تنفيذه على أهلنا وأخوتنا في غزة”.
وتابع “لقد رفعنا شعار ‘بالمسرح نحيا بالفن نقاوم’، فالفن إن لم يكن في خدمة الحق والعدل والفضيلة والجمال والحرية فهو فن مخادع ينشر الوهم ويسلب من البشر إنسانيتهم”. وكرم المهرجان في حفل الختام مجموعة من الشخصيات المسرحية الهامة، نذكر منها اللبناني بوول شاوول، والفنان المسرحي الكويتي داوود حسين، بالإضافة إلى تكريم الدكتورة فوزية بلحاج المزي الناقدة التونسية.
واستحوذت ثلاثة عروض مسرحية على جوائز المهرجان حيث حصل العرض التونسي “الفيرمة” للمخرج غازي الزغباني على ثلاثة جوائز، منها جائزة أفضل ممثل لغازي الزغباني، وجائزة أحسن سينوغرافيا بالإضافة إلى جائزة التانيت البرونزي، في حين حصل العرض المغربي “شمس” على جائزة التانيت الفضي، بينما حصل العرض الكويتي “صمت” على عدة جوائز إلى جانب تتويجه بالتانيب الذهبي، فلقد حصل على جائزة أفضل نص لسليمان البسام وجائزة أفضل ممثلة للفنانة السورية – الفرنسية حلا عمران، وبذلك تكون حلا عمران قد توجت لعامين متتالين بهذه الجائزة.
عن عملها “صمت” والجائزة تقول حلا عمران لـ“العرب”، “سعيدة جدا بحصولي على جائزة أحسن ممثلة للمرة الثانية من أيام قرطاج المسرحية، كان هذا العرض متعبا جدا بالنسبة لنا، إنه يشبه النحت في الصخر للخروج بمادة، صحيح أن النص جميل لكن وضعه على الخشبة كان صعبا جدا، ولقد بذلت جهدا كبيرا ولم أكن أعرف أو أتوقع النتائج، لم أكن حتى أعرف كيف سيظهر على الخشبة، ولكنه في النهاية ظهر، لا أعرف حقيقية ما الذي حصل أثناء خلق هذا العرض، ولكني أعرف أنه بالنسبة لي كان تجربة جديدة رميت نفسي فيها وسعيدة أكثر أن الجمهور تقبلها واستطاع التواصل معها”.
وتابعت “هذا العمل يشبه كل الأعمال السابقة التي شاركت فيها مع سليمان البسام، حيث يخلق العمل بشكل جماعي، ولكننا تشاركنا فيه أكثر من الأعمال الأخرى حتى أكثر من مسرحية “أي ميديا” فالخلق كان جماعيا، بحيث كنا مع سليمان، أنا والموسيقيان علي الحوت وعبد قبيسي والسينوغراف أريك سواييه نعمل سويا في هذا العمل الذي بدأ التحضير له منذ سنتين، عملنا في أكثر من ورشة ولكننا لم نتوصل إلى نتائج واضحة إلا في الشهر الماضي حين اجتمعنا في الكويت وكان قرارنا أن نعمل وأن نرمي أنفسنا ونجرب كل الاحتمالات حتى وصلنا إلى الصيغة التي شاهدتموها في قرطاج”.
أما التونسي غازي الزغباني، فقد صرح لـ“العرب” بأنه سعيد بتتويج العرض بثلاثة جوائز، لكنه استدرك “كنت أطمح إلى جائزة أكبر من التانيت البرونزي، وخصوصا أن العرض قد حصل على جائزة الأداء والسينوغرافيا، لكن بكل الأحوال سعيد جدا أن العرض كان من بين العروض الثلاثة الأولى وأحترم قرار اللجان، وشخصيا أؤمن بأن الرؤية في النهاية هي رؤية جمالية، وسعيد بتتويجي بجائزة أحسن ممثل وخاصة أنني بذلت جهدا مضاعفا كوني أنا أيضا مخرج العرض، وجائزة السينوغرافيا كانت تهمني بشكل كبير كمخرج لأن السينوغرافيا هي الجمال وهي الرؤية للمخرج حتى وإن لم تكن من صنعه، وهي المفتاح الأول للعمل الإخراجي وبسببها كما ذكرت سابقا كنت أتوقع أن نحصل على جائزة أكبر من البرونزية، ولكن جل الجوائز التي حصلت عليها ستفتح لـ’الفيرمة’ الباب لتكون حاضرة في العديد من المهرجانات”.
أما بالنسبة للسينوغرافيا وعمله عليها كونه قادما من عالم السينما فيقول “منذ البداية حرصت على تواجد الخمس شخصيات في فضاء واحد ولكن أردت لكل شخصية لونها أو لنقل مساحة خاصة لديكور خاص بها وفي بعض الأحيان الانتقال من مكان إلى آخر يكون عبر السينوغرافيا، وكأنها تعبير عن المكان أو لنقل ديكور موجود ونحن ننتقل من خلاله من فضاء إلى آخر، وكأنه بحث واستغلال لعملي في المسرح والسينما حتى طريقة كتابة المسرحية، كأنها كتابة سينمائية وليست مسرحية من حيث الانتقال من مكان إلى مكان آخر”.
وكانت لجنة التحكيم قد تكونت من وحيد السعفي من تونس رئيسا، أوديل كاتيز من روندا، نعيمة زيطان من المغرب، جواو برانكو من الرأس الأخضر، بيار أبي صعب من لبنان.
وشهد حفل الاختتام تقديم عدد من الفقرات المصورة التي وثّقت لفعاليات الدورة الرابعة العشرين، فضلا عن مداخلة شعرية للشاعر التونسي أنيس شوشان.
وعلى غرار حفل الافتتاح، كرّمت الهيئة المديرة للأيام خلال حفل الاختتام ثلة من الوجوه المسرحية من تونس وخارجها وهم الناقدة التونسية فوزية بلحاج المزي والكاتب والناقد اللبناني بول شاوول والفنان الكويتي داوود حسين ومصممة الملابس جليلة مداني والناقد يوسف عنابي والفنان التونسي منجي الورفلي والفنانة سعاد محاسن، فضلا عن تكريم مجموعة الحمائم البيض.
جوائز الدورة:
جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير (النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين): مسرحية الظاهرة لأوس ابراهيم من تونس.
جائزة مسرح الحرية للهيئة العامة للسجون والإصلاح
المرتبة الثالثة: مسرحية “الشركة تركة” للمودعات بسجن المسعدين بسوسة
المرتبة الثانية: مسرحية “لا مطلق لا معلق” لمودعي سجن المهدية
المرتبة الأولى: مسرحية “سفر” لمودعي سجن برج الرومي
جائزة أحسن سينوغرافيا: “الفيرمة” لغازي الزغباني- تونس
جائزة أحسن نص: “صمت” لسليمان البسام الكويت
جائزة أحسن ممثلة: حلا عمران عن دورها في مسرحية صمت – الكويت
جائزة أحسن ممثل: لغازي الزغباني عن دوره في مسرحية الفيرمة- تونس
التانيت البرونزي: “الفيرمة” من إخراج غازي الزغباني تونس
التانيت الفضي: “شمس” لأمين بودريقة المغرب
التانيت الذهبي: “صمت” لسليمان البسام الكويت