ڨبلي – البيان: مكتب الجنوب الغربي/ من أحمد مخلوف

بعد فترة من التحضيرات المكثفة والجدية سيكون جمهور الفن الرابع وعشاقه بولاية ڨبلي بداية من مساء اليوم الجمعة 23 ماي على موعد مع إنطلاق فعاليات الدورة الثانية لتظاهرة “أيام ڨبلي المسرحية” التي سينظمها المركب الثقافي إبن الهيثم بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بڨبلي وإدارة الفنون الركحية بالتعاون مع مركز الفنون الدرامية والركحية بڨبلي لتتواصل إلى غاية يوم السبت 31 ماي الجاري.
برمجة ثرية ومتنوعة أعدها القائمون على هذا المركز ستنال بالتأكيد إعجاب ورضاء جمهور هذه التظاهرة المسرحية، التي سعت ومنذ دورتها الأولى إلى نشر ثقافة الفن الرابع وحث رواده على الإهتمام بالفرجة المسرحية وترسيخها لدى الشباب والناشئة من الجنسين، وذلك إستنادا لأهمية المسرح في المجتمع ودوره الفاعل في الرقي بالشعوب، كيف لا وهو أبو الفنون وأولها من أيام الإغريق والرومان وقدرته على على المؤالفة بين عناصر فنية متعددة، حيث كانت المسارح ٱنذاك هي الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني بعد حلبات مصارعة الوحوش المفترسة ثم الثيران.
*الهروب من التوبة في الإفتتاح ونواصي ،بعض من الذرية في الإختتام..
هذا وإستنادا لتفاصيل برمجتها سيرفع الستار مساء اليوم الجمعة 23 ماي على فعاليات الدورة الثانية لتظاهرة “أيام ڨبلي المسرحية” بعرض لمسرحية “الهروب من التوبة” لمركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر، إخراج الفنان المسرحي عبد الواحد مبروك ونص العراقي فلاح شاكر، موسيقى رياض البدوي وتأثيث موسيقي لحضرة العلاوة لسيدي بوعلي السني بنفطة وحضرة الثماني الصنانية لسيدي عبد الملك السني بتوزر.
وتروي أحداث مسرحية “الهروب من التوبة” قصة ثلاث شخصيات تعاني من القلق النفسي تحت وطأة الشعور بالذنب أمام ثقل معاناة جَلد الذات وقسوة تأنيب الضمير. تبحث هذه الشخصيات المعذبة فوق الأرض عن طوق للنجاة وسبيل للخلاص..لكن هل من الممكن الخلاص دون خسارة موجعة ومؤلمة في محاولة للتطهر من الشعور بالذنب؟؟ تلقي الذوات المرهقة بنفسها في أحضان التصوّف هربا من الشخصية المشروخة والذاكرة الموجوعة، وفي إرتكاز على بلاغة لغة الضاد وجماليتها في نص للكاتب العراقي فلاح شاكر وفي توظيف لأجواء صوفية يتجلى من فواصلها سمو الروح والسلام النفسي تنشد مسرحية
“الهروب من التوبة” إيجاد أجوبة لأسئلة كونية حارقة حول تمثلات الإنسان لذاته وللدين ولله عز وجل. وقد حققت مسرحية “الهروب من التوبة” منذ خروجها لجماهير الفن الرابع في عديد التظاهرات الثقافية نجاحات هامة على أكثر من مستوى ولعل هذا ماسيكتشفه عشاق المسرح مساء اليوم الجمعة خلال إفتتاح فعاليات الدورة الثانية لتظاهرة “أيام ڨبلي المسرحية”.
وسيتابع جمهور هذه التظاهرة في يومها الثاني يوم غد السبت 24 ماي وفي نفس التوقيت الساعة السابعة مساء عرض مسرحية “جرد موظف” لشركة أوبرا للإنتاج الفني. وهذا العمل المسرحي مقتبس من النص الأصلي “يوميات مجنون” للكاتب الروسي نيكولاي غوغول. ويتميز هذا العرض المسرحي “جرد موظف” بتقديم رؤية مسرحية فنية مبتكرة، تجمع بين الكوميديا والتراجيديا في قالب إبداعي يعانق الإبداع والإمتاع. وتدور أطوار هذه المسرحية حول موظف بسيط يسعى لإستعادة هيبة الإدارة والدولة في مجتمع متجرد من القيم… يصطدم هذا الموظف بعقلية المجتمع من حوله مما يؤدي إلى تدهور حالته النفسية مما أوصله إلى حافة الجنون والإضطراب بين الواقع والخيال إلى حد مرحلة التحدث مع شخوص وهمية لا وجود لها وهو ما يعكس الصراع الداخلي الذي يعاني منه هذا الموظف.
هو عرض مسرحي وضع من خلاله صناعه أصابعهم على مكمن الداء الذي ينخر إداراتنا العمومية إلى يوم الناس هذا، وحاد بخدماتها على طريق التدرج نحو الأفضل الذي يضمن لها التميز والإمتياز.
وسيتابع جمهور “أيام ڨبلي المسرحية” صبيحة يوم الأحد 25 ماي عرض “السحابة المفقودة” نص وإخراج حسام العابد، أداء مصطفى الكذاعي ورحاب غرس وحسام العابد وجلال عبيد وخير الدين حابة ووليد الرياحي وموسيقى أكرم سليم وسليمة خيتوني وصنع العرائس وليد الوسيعي.
ويسعى هذا العمل المسرحي الذي أنتجه المركز الثقافي القناع بالمحرس على تزويد المتلقي وخاصة فئة الاطفال بالعديد من الرسائل والقيم التربوية والقيمية، وذلك من خلال حركة الماريونات والنص والموسيقى. وقد أبدع صناع هذا العمل المسرحي في نحت أجمل الفواصل لعمل مسرحي ناقد ومتجدد، أما في مساء هذا اليوم الأحد 25 ماي فسيكون جمهور هذه التظاهرة على موعد مع عرض مسرحية “المدام” لشركة المسرح الحي بقفصة، وهو عمل مقتبس من مسرحية “الدب” لأنطوان تشيكوف، إقتباس الهادي عباس إخراج محمد علي أحمد، تمثيل محمد ساسي القطاري ومحمد الصالح الٱجري ونور ضو، وهو عرض يستحق المتابعة.
وسيستمتع عشاق الفن الرابع مساء يوم الإربعاء 28 ماي بعرض مسرحية “مستوج” عن مسرحية “في أعالي البحار” لسلاڨوميز مروجيك. وتدور أحداث مسرحية “مستوج” على طوافة عائمة في البحر بعد غرق سفينة، حيث تجد الشخصيات الثلاث نفسها تواجه جوعا قاسيا ومميتا. وفي قلب المأزق تلجأ هذه الشخصيات إلى محادثات عبثية تحاول خلالها تقرير من سيضحى به ليكون غذاء للبقية، بأسلوب ساخر أعتمد فيه المخرج يحيى الفايدي على أسلوب العبث، حيث الحوار مطول وزاخر بالكلمات لكن دون قرارات أو حلول ملموسة. وتكشف مسرحية “مستوج” عن واقع السياسة في تونس بعد الثورة حيث تتلاعب الشخصيات الضعيفة والمتشبثة بالبقاء بوسائل عبثية كما يفعل السياسيون الذين يخوضون حروب السلطة عبر وعود واهية ومفاوضات تدير ظهرها لمطالب الشعب. وقد إستطاع يحيى الفايدي من خلال عمله المسرحي هذا ان يصوغ نقدا قاسيا للسياسة والسياسيين ولأزمة القيم في المجتمع.
