أصبح الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست (69 عاما) الخميس أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، واختار اسم ليون الرابع عشر، وأمام حشد من المؤمنين الذين تجمّعوا في ساحة بازيليك القديس بطرس، أعلن الكاردينال الفرنسي دومينيك مامبيرتي اسم البابا الجديد، بعد العبارة الشهيرة باللاتينية “هابيموس بابام” (لدينا بابا)، وأطلّ البابا ليون الرابع عشر باسما من على الشرفة وخاطب أكثر من 1,4 مليار كاثوليكي قائلا باللغة الإيطالية الممزوجة بلكنة أميركية، “السلام عليكم جميعا!”.

وشكر البابا فرنسيس الراحل وزملاءه الكرادلة على انتخابه، ووجّه، على وقع تصفيق الجموع والهتافات، “نداء سلام الى جميع الشعوب”، ودعا أول بابا أميركي في التاريخ إلى “بناء الجسور” عبر “الحوار”، داعيا إلى “المضي قدما بدون خوف، متحدين، يدا بيد مع الله وبعضنا مع بعض”.
وكان المصلّون والسياح المتجمعون في ساحة القديس بطرس استقبلوا ظهوره على شرفة كنيسة القديس بطرس بتصفيق طويل، بعد نحو ساعة ونصف ساعة من خروج الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين.
يعتبر روبرت بريفوست مستمعا جيدا ويصنّف بين المعتدلين. له خبرة في العمل بين الناس على الأرض، وداخل الفاتيكان.
كان بين الأسماء المطروحة لخلافة البابا فرنسيس الذي عيّنه على رأس الوزارة النافذة المكلّفة تعيين الأساقفة.
ويؤشر انتخاب بريفوست الذي عُيّن كاردينالا في العام 2023، الى رغبة في الاستمرار على نهج البابا فرنسيس، وإن كان يرجّح أن البابا ليون الرابع عشر سيلتزم أكثر من البابا الراحل ببروتوكول الفاتيكان والتقاليد التي كان فرنسيس متمرّدا عليها.
وانتخب البابا ليون في اليوم الثاني من التئام مجمع الكرادلة. وأجمعت غالبية الثلثين على اسمه، أي أنه حصد 89 صوتا على الأقلّ. لكن نظرا للسرية المطلقة المحيطة بالمجمع المغلق، لا يفصح عن تفاصيل العملية الانتخابية.
وأعلن الفاتيكان ان البابا ليون الرابع عشر سيحتفل الجمعة في الساعة 11,00 (9,00 ت غ) بقداس مع الكرادلة في كنيسة سيستين، غداة انتخابه البابا السابع والستين بعد المئتين للكنيسة الكاثوليكية.
كذلك، سيترأس الحبر الاعظم الجديد صلاة “ريجينا كويلي” الاحد في الساعة 12,00 (10,00 ت غ) من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، على ان يلتقي صباح الاثنين الصحافيين العاملين في الفاتيكان، بحسب ما اوضح مدير المكتب الاعلامي في الكرسي الرسولي ماتيو بروني.
ويخلف البابا الجديد البابا فرنسيس الذي توفي في 21 نيسان/أبريل عن عمر 88 عاما.
تحديات
وليون الرابع عشر هو البابا الـ 267 للكنيسة الكاثوليكية، وأول حبر أعظم يأتي من الولايات المتحدة، والرابع على التوالي غير الإيطالي بعد البولندي يوحنا بولس الثاني (1978-2005)، والألماني بنديكتوس السادس عشر (2005-2015) والأرجنتيني فرنسيس (2013-2025).
وكثيرة هي التحديات التي تنتظر البابا الجديد، من تراجع شعبية الكنيسة في أوروبا إلى مالية الفاتيكان مرورا بالتصدّي لظاهرة التحرّش بالأطفال في الكنيسة وتراجع الدعوات الكنسية.
ولا بدّ له من أن يعيد اللحمة إلى التيّارات المختلفة في المؤسسة الكنسية التي تشكل تعايشا بين قارة أوروبية تتمسّك بالعلمانية الى حدّ بعيد، و”أطراف” كانت محببة للبابا فرنسيس تنمو فيها الكنيسة سريعا.
كما سيكون عليه أن يهدىء الكوريا الرومانية التي فيها بعض أشدّ المعارضين للبابا الراحل وإصلاحاته، وأن يتعامل مع نزاعات عدة تهزّ العالم.
خلال القدّاس الإلهي الذي أقيم الأربعاء قبل انطلاق أعمال المجمع المغلق، قال عميد سن مجمع الكرادلة الإيطالي جوفاني باتيتسا ري في عظته إن البابا المقبل أمام “منعطف معقّد في التاريخ”، داعيا إلى “المحافظة على وحدة الكنيسة” و”التخلّي عن الاعتبارات الشخصية” في “هذا الخيار الذي يكتسي أهمّية قصوى”.
وفور إعلان اسم البابا الجديد، انهالت التهاني والتمنيات من قادة العالم.
وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب في رسالة على منصته الاجتماعية تروث سوشال “تهانينا للكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست، الذي أُعلن بابا للتو. إنه لشرف كبير أن نُدرك أنه أول بابا أميركي. يا للحماسة ويا له من شرف عظيم لبلدنا”.
وأضاف “أتطلع إلى لقاء البابا ليوون الرابع عشر. ستكون لحظةً بالغة الأهمية!”.
واعتبرت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني ان خطاب البابا ليون الرابع عشر “دعوة قوية الى السلام”.
وتحدّث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن انتخاب “تاريخي” يفتح “فصلا جديدا في قيادة الكنيسة وفي العالم”.
وأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يساهم البابا “في إرساء السلام والأمل”.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة نشرها الكرملين “أنا واثق بأن الحوار والتعاون البنّاءين القائمين بين روسيا والفاتيكان سيستمران في التطور على أساس القيم المسيحية التي توحدنا”.
وهنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تخوض بلاده نزاعا مدمّرا مع موسكو، البابا الجديد، آملا في أن يواصل الفاتيكان دعم كييف “أخلاقيا وروحيا” من أجل “استعادة العدالة وتحقيق السلام الدائم”.