بنزرت من الحبيب العربي..
في بلادنا، صارت بعض القطاعات عبئا ثقيلا على المواطن نتمنى ونرجو من الله ألاّ يجعلنا نحتاجها، على غرار مستشفياتنا وعديد إداراتنا.. صرنا ننفر منها ليس لأن الدولة لم توفرها بالقدر اللازم أو كما يجب، بل لأن معظم العاملين فيها، بمختلف مستوياتهم، حين تدعوك الحاجة المُلحّة لطلب خدمتهم، لا يستجيبون لك في الإبان، وإن استجابوا، فخدمتهم ليست على ما يُرام..


ما دعاني للحديث في هذا الشأن هذا اليوم وفي هذا التوقيت بالذات، أي عند حوالي الواحدة بعد الزوال، هو ما حدث لي عند منتصف النهار مع بعض سائقي التاكسي القادمين لبنزرت من زرزونة عند نقطة المركز الجهوي للكنام..
كنت هناك في طلب خدمة خاصة من إدارة ديوان قيس الأراضي.. وعند محاولة عودتي للمنزل حوالَي الثانية عشرة، ذهبت أمام مبنى الكنام على أمل الحصول على تاكسي تقلّني لمنطقة البْحِيرة..
وقفت لحظات متكئا على الحائط المّظلّل.. فتوقفت تاكسي أولى امامي..
هرعت إليها، فإذا بالسائق الذي أنزل حريفين يقول لي : “موش ممكن انا ماشي لمنزل جميل”.. سكتّ ثم عدت تحت الحائط..
لحظات أخرى وتوقفت تاكسي ثانية امامي..
عدوت إلى السائق أكلمه بعد أن نزلت من سيارته امرأة فقال لي : “لا يا سيدي، انا مروّح.. توّه وقت تسليم الكرهبة للصانع الآخر”..
لم أجبه وظللت في الإنتظار.. الى حين توقّفت سيارة ثالثة امامي.. أنيقة في مظهرها الخارجي ويبدو أنها جديدة.. وما إن أنزل سائقها فتاة حتى خاطبته كي ينقلني إلى حيث أنا أقطن.. وإذا به لم يكلف نفسه حتى عناء إجابتي حيث قال لي باقتضاب : “ممنوع”…
ثم انطلق بسيارته من جديد وهو لا يحمل اي حريف..
تمنّيت لو انه توقف ليسمع ما اقول له، إلا أنه خرج في سياقة متهورة بعض الشيء كما لو انه هارب منّي..
ولو استمع إليّ لقلت له : عن أي ممنوع تتحدث ايها السائق الذي مكّنتك الدولة من رخصة تقود بها تاكسي لتنقل المواطنين في أي اتجاه يريدون داخل المنطقة المسموح لك فيها الجولان..
لقلت له أيضا : ممنوع عليك أنت أن تطلع على الناس ببدعة عبارة “ممنوع” وانت في حالة عمل وجولان.. ثم إن بنزرت وزرزونة منطقة جولان واحدة..
وعليه، فأنا أتوجّه الآن لنقابة سائقي التاكسي ببنزرت وأقول لمسؤوليها : البعض من سُواق التاكسي يسيئون لسمعة قطاعكم بمثل هكذا تصرّفاتهم التي يأتونها مع الحريف كما لو أنهم أصحاب مزية عليه حين ينقلونه من اي مكان..
* بعضهم يرفضون “الكورسات” مُتعلّلين بأي سبب..
وفي حالة اشتغالهم، ليس لهم من عذر طالما أن رقم سيارتهم فوق السّطح..
* في مقالات سابقة أبلغناكم ببعض مخالفاتهم في تعاملاتهم مع الحرفاء في عديد المرات، لكن ظاهرة سلوكهم غير القانوني تستفحل شهرا بعد آخر..
* فهل يُرضيكم أن يكون مظهر بعضهم غير مقبول، كأن يكونوا غير حالقي الرأس واللحية ؟..
* هل يرضيكم أن يكون لباسهم غير محترِم للحريف عامة وللمرأة والفتاة خاصة ؟..
* هل يُرضيكم أن يقود سيارة التاكسي سائق وهو يدخّن والحرفاء معه داخل السيارة ؟..
* هل يُرضيكم أن يقود سيارة التاكسي سائق وهو مخمور ؟..
لتذكيركم يا سادتنا المسؤولين عن قطاع التاكسي نقول :
– محطات التاكسي في كامل ولاية بنزرت غير قانونية، ومع هذا ترى التاكسيات متراصة في مكان واحد، زمن الذروة على الخصوص، والمواطن الحريف يلهث من شارع إلى نهج، بحثا عن تاكسي تحمله..
– ونذكّركم أيضا بظاهرة التاكسي “بوبلاصة” غير القانونية..
لا نطلب منكم تغيير نظام عمل التاكسي بالمرة، بل نطلب منكم توعية سائقي التاكسي وتحسيسهم بواجب اعتبار الحريف اولا قبل مصالحهم أو علاقاتهم الخاصة..
– تحسيس السائق بواجب اعتبار كل حريف هو من أفراد عائلته.. فما لا يرضاه لأبيه وأمه وأخته وأخيه وزوجته وبنيه، لا يرضاه للحريف، لأي حريف، مهما كان وفي كل ظرف ومكان وزمان..
نقول كل هذا ونحن ندرك أن هناك بين سائقي التاكسي أناسا “محلاهم”.. كلهم تربية وأخلاقا.. وكلهم سلوكا سليما يّشرّف القطاع والمهنيين.
الحبيب العربي