نظّم مركز أبوظبي للغة العربية بمشاركة وزارة الثقافة الاماراتية ومؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، ومجلس الإمارات للإعلام وبفضاء مركز أدنيك بأبوظبي خلال الفترة من 26 أفريل إلى 5 ماي الماضي فعاليات الدورة 34 لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب وقد شهد هذا المعرض مواكبة واستقطابا هاما من قبل أكثر من 400 ألف زائر اطلعوا على أكثر من نصف مليون عنوان في مختلف أنواع المعرفة وهو ما يعكس قدرة هذا المعرض على تسجيل حضوره كرقم هام ضمن أكبر التظاهرات الثقافية الدولية الى جانب تمكّنه وعبر دوراته المتعاقبة من ارساء تقاليد القراءة والشغف بالكتاب لتصبح من خلاله أبو ظبي عاصمة عالمية للثقافة وصناعة النشر والمعرفة يذكر ان مبيعات المعرض خلال هذه الدورة سجّلت ارتفاعا مقارنة بدورته السابقة بنسبة 65./. وهو ما يعكس نجاحه في الترويج للقراءة في المجتمع ودعم صناعة النشر كما يشار الى ان هذا المعرض شهد مشاركة 1400عارض من 96 بلداً من مختلف أنحاء العالم، يتحدثون بأكثر من 60 لغة كما انتظمت على هامشه مجموعة من الانشطة الثقافية والندوات والورشات استهدفت مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية انسجاماً مع إعلان قيادة دولة الإمارات العام 2025 عاماً للمجتمع وهو ما يؤكّد مكانة إمارة أبوظبي كمركز حيوي للتواصل الحضاري والثقافي والمعرفي الدولي.

 كما تميز هذا المعرض بتنوّع المشاركات الطلابية كمّاً ونوعاً حيث بلغ عدد الطلبة المشاركين مباشرة 3562 طالباً وطالبة، فيما وصل عدد المستفيدين من الأنشطة الموازية إلى أكثر من 14674 طالباً من 25 مدرسة من القطاعين الحكومي والخاص وبإشراف مباشر من 203 معلمين ومشرفين تربويين كما عرف المعرض تنوعا في المشاركات الدولية والإقبال الجماهيري وحضور ومواكبة كبار المفكرين، والأكاديميين، والكتّاب والفنانين والأسماء اللامعة في عالم الفكر والأدب والفنون على غرار معالي ناظم الزهاوي ورائد الطب التكاملي الدكتور ديباك شوبرا والروائي كون إيجلدن والفنانين حسين فهمي ومينا مسعود، والمبدعة عزة فهمي، والكاتب خالد غطاس، وغيرهم ممن استقطبوا جمهوراً شغوفاً بالعلم والثقافة والمعرفة.

 وانتظمت خلال فعاليات هذا المعرض مجموعة من البرامج الشاملة والمبادرات النوعية على غرار مبادرة “على درب العلم” ومن خلال مجموعة من اللقاءات الحوارية مع طلبة المدارس والجامعات بما أسهم في نقل المعرفة، والعمل على تنشئة الجيل الجديد على المعرفة وحب القراءة وتعزيز الانتماء الى جانب تنظيم مبادرة “المؤلف الناشر” الأولى من نوعها في إطار رؤية المعرض الهادفة إلى تعزيز الدور الاجتماعي للثقافة باستهداف المبدعين من الأقارب الى جانب مبادرة “100 قصة من مجتمعنا” واستهدفت المواهب الإبداعية المُقيمة في دولة الإمارات وفي إطار الحملة المجتمعية لدعم القراءة المستدامة، التي أطلقها مركز أبوظبي للغة العربية هذا العام، كما برز في المعرض “شارع المتنبي” ضمن مبادرة أسواق الكتب الشعبية، والذي احتشد بالزوار، باعتباره يمثل أحد أشهر الشوارع الثقافية في بغداد، ويعدّ رمزاً للحياة الأدبية والفكرية في العراق، وقد ضمّ 2000 كتاب إلى جانب مجموعة من الصحف القديمة.

 كما انتظمت خلال المعرض الدورة الأولى من مبادرة تكريم رواد النشر العربي من خلال تكريم 6 دور نشر عربية عريقة يصل عمر أقدمها إلى قرابة 160 عاماً الى جانب تنظيم برنامج “ضيف الشرف” الخاص بالتعرف على الثقافة الكاريبية عن قرب الى جانب تنظيم برنامج الشخصية المحورية (ابن سينا)، وبرنامج كتاب العالم (ألف ليلة وليلة) بهدف تقديم معلومات جديدة نالت استحسان متابعيه كما انتظمت أمسيات “مجلس ليالي الشعر” الذي استضاف أكثر من 60 نجماً في الشعر الشعبي والفصيح الى جانب تنظيم برنامج الفنون الإبداعية من خلال عقد رباط وثيق مع الثقافة عبر فنون الموسيقى، والتصوير الى جانب تنظيم برنامج “أطباق وثقافات” الذي قدّم عبر 48 لقاء شارك فيه 24 طاه من مشاهير هذا المجال، من بينهم 12 إماراتياً ابداعاتهم في مختلف فنون الطهي كما انتظم بالمناسبة مؤتمر “رقمنة الإبداع” الذي تناول أثر الرقمنة على صناعة النشر والصناعات الإبداعية وقد تم تنظيمه بالتعاون مع قطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد في دولة الامارات والاتحاد الدولي للناشرين (IPA)واتحاد الناشرين العرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية  (WIPO)والمجموعة الصينية للإعلام الدولي، وجمعية الناشرين الإماراتيين، ومكتبة الإسكندرية في مصر، إلى جانب شخصيات رفيعة المستوى من مؤسسات أكاديمية وثقافية كبرى وبما يهدف إلى تمكين الناشرين والمبدعين والفاعلين في قطاعات المحتوى من مواجهة التحديات المتصاعدة في بيئة النشر العالمية واستيعاب التحولات التكنولوجية والرقمية التي تعيد رسم ملامح الصناعة بأكملها.

 كما انتظمت ايضا النسخة الثالثة من برنامج “بودكاست من أبوظبي” بمشاركة 71 صانع محتوى صوتي يتابعهم ملايين الأشخاص حول العالم والذين قدموا عشرات العناوين التي تعكس إبداعاتهم حيث سجلت مشاركة  24  صانع محتوى في البرنامج للمرة الأولى، بينما شكّل “المربع الرقمي”، ركيزة أساسية لنجاح المعرض، بعد أن قدم خمسة مشاريع ثقافية رقمية مبتكرة بالتعاون مع الوكلاء المعنيين.

 وفي لقاء مع سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية أفادنا ان هذا المعرض”يُجسد منصة معرفية جميلة كبرى جمعت بين الأصالة والمعاصرة واستشرفت المستقبل بمنهج علمي ومن خلال رؤية ثقافية شاملة ليؤكّد أن المعرفة ليست ترفاً ولا تراكماً كمياً، بل ضرورة حيوية لاستدامة المجتمعات ونهضتها، وأن اللغة العربية، بما تحمله من تقاليد جمالية ومعرفية وحضارية هي بلا شك حجر الزاوية في مسيرة بناء المستقبل وصياغة الهوية كما عكس المعرض توجهاً إستراتيجياً نحو استلهام تقاليد الحضارة العربية العريقة وإعادة اكتشاف الذات الثقافية من جهة، والانفتاح الخلاق على العالم بمختلف روافده من جهة أخرى، مع التركيز على الابتكار والإبداع كعنصرين أساسيين لمشروع حضاري متجدد، يحرص على استحضار قضايا العصر الكبرى، من الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، إلى قضايا الاستدامة، والبيئة، وحفظ التراث، مقدماً منصات للحوار، والتفكير النقدي، وملتقى للأفكار الجديدة”.

 واذ حظي المعرض بتغطيات إعلامية واسعة من وسائل إعلام محلية وإقليمية وعالمية فاقت في عددها تغطيات دورة العام 2024 فان مركز أبوظبي للغة العربية المنظم للمعرض أطلق بالمناسبة 35 كتاباً من إصداراته من بينها “عيون العجائب فيما أورده أبو الطيب من اختراعات وغرائب” للدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية و”عين تصطاد اللحظة:قراءة نقدية في أعمال المصور كريم صاحب” و”سيرة شارل ديغول.. فكرة محددة عن فرنسا” للمؤرخ البريطاني جوليان جاكسون، و”بين الظل والنور” للمصور الإماراتي جاسم ربيع وذلك ضمن حفلات توقيع الكتب بالمناسبة اذ شهد المعرض تنظيم حفلات توقيع لأكثر من 40 مؤلفا في مختلف أنواع المعرفة الى جانب ما يقرب من 180 حفل توقيع في ركن التواقيع وبما وفّر فرصة ثمينة للتفاعل بين المؤلفين والجمهور .

 يذكر في الختام ان إندونيسيا ستكون ضيف شرف المعرض لدورة العام المقبل 2026.

 منصف كريمي