أجرى الحوار : منصور المبروك

“أبراخيليا” هو عنوان المعرض الشخصي الأول للفنان التشكيلي والأستاذ الجامعي احمد نصري والذي افتتحته مديرة المعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد الأستاذة سمية غرس الله يوم 5 ماي الجاري وقدمه رئيس قسم بالمعهد الأستاذ كريم بلقاضي وتولت القراءة المتأنية والتأويل الأستاذة ضحى بسباس أما التنسيق فكان للأستاذة شيماء زعفوري… الأستاذ احمد نصري متحصل على الشهادة الوطنية للإجازة الأساسية فنون تشكيلية (اختصاص: نحت) وشهادة ماجستير بحث (اختصاص: نظريات الإبداع) بالإضافة إلى دكتوراه في جماليات الفنون وممارستها… ويتولى التدريس منذ سنة 2018 من خلال تدريسه لمواد شكل وهيكلة تقنيات التعبير التشكيلي… الرسم …
تعليمه تصميم الصورة ونظريات التصميم … كما يلي : تولى التدريس أولا بالمعهد العالي للعلوم الاجتماعية والتربية بقفصة ثم بالمعهد العالي للفنون والحرف بقفصة
وحاليا يباشر التدريس بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد… شارك في العديد من المعارض الجماعية مع أساتذة المعاهد التي درّس بها ونشر عديد المقالات
العلمية بعد مشاركته في ملتقيات علمية دولية مختصة …

ويتضمن المعرض الشخصي الأول للفنان التشكيلي احمد نصري 18 منحوتة استخدم فيها مادة الحديد منتهية الصلاحية فكانت بمثابة الإنعكاس لمعارفه الأكادمية
واختصاصه في فنّ النحت…

إنها منحوتات ثلاثية الأبعاد ومشهديات بصرية متنوعة… وبالتالي أبدع “النحات” في تحويل الحديد إلى زهور رائعة الجمال وحديقة زاهية سامقة…
مع الفنان المبدع احمد نصري كان هذا الحوار الممتع…

ما المقصود بتسمية المعرض “أبراخيليا”

يمكن الإقرار بأن مفهوم الأبراخيليا عابر للمناهج وجامع لها.. ولكنه يصهرها كلها ضمن توجه واحد متمثل في الإيجاز والإختصار والإقتضاب في التفكير… قامت هذه التجربة على اعتماد مختلف أنواع الحديد ومتلاشياته منتهية الصلوحية… فكانت الإستعادة ركيزة أساسية في تجربتي ومضمونا لمنحوتاتي… ارتقت بالقيمة التعبيرية للأشياء لتشكل حدثا هاما من خلال الإنتقالية للمادة التي انزاحت
عن المألوف فانزاح بذلك الحديد بأنواعه شيئيته للعبور نحو اللامتوقع غي نحت ولحام وتركيب أعمال ثلاثية الأبعاد مختصرة…

أن ما نراهن عليه في هذه التجربة هو تبيان قيمة الإيجاز والعودة به فكرا ومنطقا إلى الإطناب بشكله المقتضب… ودعوة هامة للرجوع إلى الأرض.. نحن نراهن أيضا على أن
تثير منجزاتنا النحتية الجامعة بين المواد الحديدية المستعادة والخطوط البسيطة والمنحنيات النقية في شكلها لحظة دهشة وانخراط عبر دمج العديد من الأحاسيس
والأفكار لدى المشاهد دون حملهم على فهم المعقد لما ينظرون اليه…  

وكيف تقدم لنا المنحوتات المعروضة في الهواء الطلق؟

هي 18 منحوتة كالآتي: سكاكين ملحومة – متاهة حديدية – وقوف متحرر – مسلّة الغيب – اختزال مزور – أصداء التوازن – ميتامورفوس – دوامة – احتواء المهمل –الأرض المفبركة – رقصة من حديد – خيل دون جسد – توهان الفولاذ – تشتت بصري – هيئة متحررة – ما بعد الموت – نسيج مصفح – وأخيلة ممتدة.

وقد اعتمدت في كل هذه المنحوتات تقنية تركيب ولحام (حديد)… وهي 18 منحوتة مختلفة وغير متطابقة، وكل واحدة تنفرد بعنوان ورؤى…

وماذا تقول عن أحد فروع الفنون التشكيلية: النحت؟

يعتبر النحت من أهم وأصعب فروع الفنون التشكيلية… يعني بإيداع أشكال ثلاثية الأبعاد عن طريق التشكيل او الحفر او الصب.. باستخدام مواد مثل الحجر والخشب والطين والمعادن وغيرها… يهدف النحت إلى تجسيد أفكار جمالية أو رمزّية أو دينية او تاريخية… وقد يكون واقعيا او تجريديا… ويعرض غالبا في الفضاءات العامة أو المتاحف…

كيف يتراء لك “النحت” في تونس؟

بالنسبة للنحت في بلادنا يمكن القول بأن له جذورا عميقة تعود إلى العصور القديمة إذ كانت تونس جزءا من الحضارات القرطاجية والرومانية والبيزنطية.. وكلها تركت بصماتها على الفنون البصرية، خصوصا في النحت… في
الفترة المعاصرة قلت الممارسات النحتية.. ونحن نسعى إلى عدم الاقتصار على الرخام والحجر والخشب، لذلك سعيت إلى القطع مع المعتاد وإلتجأت إلى الحديد موظفا مفاهيم تشكيلية معاصرة …

بمن تأثرت من النحاتين؟

تأثرت بالسويسري “ألبارتوجياكوماتي” والأمريكي “ألكسندر كالدر”.

ما هي المشاريع الفنية التي تطمح إلى تحقيقها؟

أطمح إلى إنجاز تنصيبات ومنحوتات ذات قيمة فنية هامة، وآمل أن تقوم الجهات المسؤولة في الشؤون الثقافية بتشريك النحاتين في نحت وتشكيل المنحوتات التي يتم تركيزها في المفترقات وغيرها..

المعارض الجماعية التي شاركت فيها؟

سابقا شاركت في عدة معارض جماعية خاصة مع الأساتذة الذين درست معهم على غرار معرض «Voir Musique» سنة 2022 بقفصة… ومعرض “أصداء فنية” بقابس سنة 2023 ومعرض «OASIS» بقفصة سنة 2021… ومعرض “خطى الطريق”  بسيدي بوزيد خلال السنة الحالية 2025.. بالإضافة إلى إشرافي على التأطير في ورشات نحت بتطاوين وقفصة وسيدي بوزيد والبقالطة …

ونحن نحتفل بشهر التراث.. أي علاقة بين “النحت” والتراث؟

يمكن القول بأن للنحت علاقة وطيدة بالتراث… إذ يعد من ابرز الوسائل التي استخدمتها الشعوب عبر التاريخ لتوثيق حضاراتها وقيمها ومعتقداتها… تجسد المنحوتات الشخصيات المهمة والطقوس والأساطير والإنجازات المعمارية والفنية مما يجعلها مصادر أساسية لفهم تاريخ وهوية الأمم …

وتعتبر المنحوتة أيضا سجلا بصريا حيّا يساعد على نقل الثقافة من جيل إلى آخر.. كما تسهم في تعزيز الهوية الوطنية والإنتماء الثقافي …

وأي علاقة بين الفنون عموما والفسلفة حسب رأيك؟

هنا ستكون إجابتي مختصرة، بكل صراحة لأن العلاقة بين
الفلسفة والفن يمكن القول بانها علاقة متداخلة ومتشعبة.. فاختصر وأقول بأن الفن والفلسفة يرتبطان بعلاقة فكرية عميقة حيث يهتم كلّ منهما بالتعبير عن مفاهيم الحياة والوجود والجمال… فالفلسفة تحلل الفن وتفسره.. بينما يجسد الفن الأفكار الفلسفية بطريقة حسّية ومبدعة …