سنة 1999، قرر التلفزيون إنتاج سيرة ذاتية عن السيدة أم كلثوم، ويروي المسلسل على مدار حلقاته السيرة الذاتية لسيدة الغناء العربي (أم كلثوم) منذ نشأتها في السنبلاوين ورحلتها مع والدها وأشقائها في غناء الأناشيد الدينية في كافة المناسبات، مرورًا بمشوارها الفني وانتقالها للاستقرار في القاهرة، وقصص الحب التي مرت بها خلال حياتها، ولمعانها الفني حتى تسيدت المشهد الغنائي في مصر، والأزمات التي صادفتها خلال عملها الفني وفي حياتها الاجتماعية.
المسلسل كتبه محفوظ عبد الرحمن، وأخرجته إنعام محمد علي، ولكن كان السؤال من سيلعب دور أم كلثوم، كان هناك اختيار كلاسيكي هو اختيار فردوس عبد الحميد التي جسدت سيرة أم كلثوم في نفس العام في فيلم “كوكب الشرق”، ولكن وقع الاختيار على نبيلة عبيد، ربما تسأل ما علاقة نبيلة عبيد بدور أم كلثوم؟ لكن هذا ما حدث (وهي فنانة كبيرة وأنا من جمهورها).
عرض المؤلف محفوظ عبد الرحمن والمخرجة أنعام محمد علي الدور بالفعل على نبيلة، وكانت على سفر وطلبت تأجيل قراءة السيناريو إلى أن تعود من رحلة السفر، لكنهما رشحا إلهام شاهين، وتم اختيار الآتي:
– اختيار إلهام شاهين بطلة للمسلسل والطفلة شيماء الشايب والمطربة ريم كمال في دور أم كلثوم في مراحله السنية المختلفة.
– وأرسلت أنعام محمد علي كل الشرائط الغنائية الإذاعية والتلفزيونية لأم كلثوم، وبقية التفاصيل الدقيقة عن حياة كوكب الشرق حتى شراء بعض الملابس التي تتوافق مع السياق الزمني لحياة أم كلثوم لإلهام شاهين.
– جلست إلهام شاهين مع محفوظ عبد الرحمن وإنعام محمد علي للاتفاق على كل شيء، لكن فجأة ظهرت نبيلة عبيد، ونشرت خبرا مفاده إنها تعاقدت على مسلسل أم كلثوم، وقامت الدنيا، هذه أعنف حرب تصريحات شهدتها الصحافة بين الطرفين، وكل واحدة تتهم الآخرى بسړقة الدور، وظل التراشق.
وتدخل يحيى العلمي رئيس قطاع الإنتاج، واختار نبيلة عبيد للدور، لكن نبيلة عبيد تقول في حوار لجريدة الجمهورية: “رشحوني للدور، فسألت مين كان قبلي، فقالولي نجلاء فتحي ومديحة يسرى، فاتصلت بيها قالتلي يا حبيبتي اعمليه، ووالله عقد المسلسل في درج مكتبي، ما مضيته، كان فيه حالة قـرف جعلتني لا أطيق حتى النظر إليه.
وعن سبب استبعاد نجلاء فتحي من قائمة المرشحات، تقول إنعام محمد علي: “رشح المؤلف محفوظ عبد الرحمن الفنانة نجلاء فتحي لأداء الشخصية، لأنه كان يرغب أن تقدم الدور نجمة في عالم الفن ليضمن له النجاح، ولم أكن راضية عن هذا الاختيار، فنجلاء فتحي ذات طابع تركي، والدور يحتاج إلى فنانة تتمتع بملامح مصرية، ولكن ذهبنا إلى منزل الفنانة نجلاء فتحي وتم عرض الدور عليها، ورفضت هي الأخرى أداء الشخصية، ثم راودتني فكرة ترشيح الفنانة سوسن بدر للدور نظراً لملامحها المصرية البحتة، ولكن بعد جلسة جمعت بيننا وجدت أنها غير مناسبة للدور”.
فقررت إنعام محمد علي التخلص من كل هذا، والتفكير خارج الصندوق واختيار صابرين، صابرين في هذا الوقت كانت الفتاة الشقية المرحة التي لا تصلح لدور أم كلثوم بكل تركيباته النفسية ومراحله السنية، ورفض قطاع الإنتاج الترشيح.
صابرين رهان رابح لكنه صعب
وقالت إنعام محمد علي عن كواليس المسلسل: “يحيى العلمي رئيس قطاع الإنتاج كان يغار منى جدًا، وكان يريد أن يظل هو الناجح الوحيد، معتقدًا أن نجاح غيره ينتقص من نجاحه، وكان يرأس القطاع أثناء إنتاج (أم كلثوم) واتهمنى أنني أهدر الوقت، حيث استغرق الأمر مني سنوات من أجل التجهيز للعمل، بالإضافة إلى أنه رفض ترشيح «صابرين» لبطولة العمل قال لي: (يا إنعام احنا الاتنين مخرجين ولو عرضوا عليّ إخراج أم كلثوم مش هجيب صابرين…تحملي المسؤولية وحدك) تحمّلي المسؤولية تعنى حرفيًا أني (ماليش ظهر) وقد عانيت أشد المعاناة من ضغط عصبي وإرهاق نفسي طيلة فترة التصوير بسبب قراراته.
وقالت صابرين مع عمرو الليثي في برنامج “واحد من الناس”: “روحت مكتب الأستاذ يحيى العلمي، وهو بيمضيني على عقد المسلسل، قالي امضي يا بنتي وخلصيني، كدا كدا المسلسل دا مش هيتعمل”.
وقالت صابرين: “كنت عملت جمهورية زفتي مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، وقالتله يا عم إسماعيل أنا جايلي دور أم كلثوم أعمله، فقالي: “يا صابرين أم كلثوم دي مصر، أعملها بدافع وطني، أعملها علشان تعبري عن مصر مش أم كلثوم”.
وتقول إنعام محمد علي: “مكنتش عايزة نجمة تعمل أم كلثوم لأن ملامح النجمة محفورة في ذهنهم، وشاهدت لـ صابرين عملين في العام الذى سبق تصوير المسلسل ، جمهورية زفتي ولعبت فيه دور فتاة من القرية ومسلسل هوانم جاردن سيتي ولعبت دور فتاة من طبقة أرستقراطية، واجادت الدورين، وهو ما أحتاجه في مسلسل أم كلثوم التي بدأت من القرية وحتى أصبحت ايقونة عالمية في عالم الغناء، فاخترت صابرين وأصريت عليها”.
وما يعكس لك اهتمام محمد علي بالتفاصيل، هو تصريحها بجمع 1500 صورة لأم كلثوم وكل من عاصروها، فتقول: “بدأنا نخطط لسيرة ذاتية لأم كلثوم 1996 مع المؤلف محفوظ عبد الرحمن، وخلال تلك الفترة بدأ هو بكتابة العمل، وقمت انا بتجميع معلومات عن تلك الفترة في حياة أم كلثوم ومصر بشكل عام، وجمعت ما يقرب من 1500 صورة لها، وصور باقى الأبطال، وكل ممثل كان يحصل على السيناريو ومعه معلومات وصور عن كل شخصية، حتى ان كمال أبورية أخذ بعض اللقطات الخاصة بأحمد رامى في الصور”.