بقلم الصحفي بدرالدين الجبنياني

في قلب العاصمة تونس، وتحديدًا بمنطقة البلفدير، تجسّد توجّه رئاسي عملي وحاسم من خلال مشروع تهيئة المسبح البلدي، الذي تحوّل في ظرف وجيز من فضاء مهمل إلى معلم رياضي حضاري يليق بعاصمة البلاد وأبنائها. لم يكن هذا الإنجاز مجرّد تجميل سطحي، بل عملية شاملة وعميقة، أنجزتها أيادٍ تونسية خالصة، جمعت بين كفاءات وطنية من مهندسين وخبراء، إلى جانب مشاركة فاعلة من العملة العسكريين الذين أبانوا عن انضباط ومهارة عالية. النتيجة كانت منشأة متكاملة تُضاهي أرقى المسابح الدولية، في زمن قياسي، وبكفاءة تعكس الجدية التي باتت تميز المشاريع العمومية في ظلّ القيادة الرئاسية الحالية.

في ظلّ متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة، يبرز رئيس الجمهورية قيس سعيّد كفاعل حاسم، لا يكتفي بإصدار التوجيهات، بل يشرف بنفسه على تنفيذها، متسلّحًا بعين القائد الصارم وحرص المسؤول الأول على احترام الآجال. هذا الحرص ليس فقط لضمان جودة الإنجاز، بل أيضًا لاستعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، ولتعزيز صورة الإدارة العمومية كمحرك فاعل للتنمية، لا عبءًا يثقل كاهل البلاد.
رؤية رئيس الجمهورية لا تقتصر على المنشآت الرياضية، بل تشمل الفضاءات العامة، من منطلق أن الجمال، والنظافة، والنظام ليست كماليات، بل حقوق مواطنية أساسية. ساحة المنجي بالي، التي عانت لسنوات من الإهمال، شهدت مؤخرًا عملية تجديد شاملة أعادتها إلى الحياة، بحلّة تجمع بين الجمالية والوظيفية. أصبحت الساحة اليوم متنفسًا للعائلات، ومسرحًا مفتوحًا للحياة اليومية، تحمل في تفاصيلها رسالة واضحة: حين تقترن الإرادة السياسية بالكفاءة والانضباط، تكون النتيجة ملموسة على أرض الواقع، وتُعيد للمواطن ثقته في الدولة.

أما ساحة برشلونة، الواقعة في قلب العاصمة، فقد شهدت تحوّلًا جذريًا لم يعد يخفى على أيّ مارّ أو متجوّل. من كل زاوية تطلّ نافورة تضفي على المكان نغمة من الهدوء والانسياب، تنبع من مياه تتدفق بأشكال هندسية بديعة. المساحات الخضراء البهيّة، المقاعد الأنيقة، والتوزيع المدروس للعناصر الجمالية، كلها تدلّ على تجديد صادق، لا تزييف فيه. جمالية لم تكن وليدة المصادفة، بل نتاج رؤية واضحة وعمل دقيق، تحت إشراف مباشر من أعلى هرم الدولة.
هذا النسق المتسارع من الإنجازات يُثبت بما لا يدع مجالًا للشك، أنّ الدولة التونسية حين تُحسن التخطيط، وتُحكم التنفيذ، وتُوظف مواردها البشرية بكفاءة، تكون قادرة على تغيير الواقع، مهما كانت التحديات. ما يحصل اليوم في العاصمة هو أكثر من مجرد تحسين عمراني؛ إنه رسالة سياسية وتنموية عميقة، مفادها أن تونس قادرة على النهوض متى توفّرت الإرادة السياسية، والمساءلة الفاعلة، والالتزام بالآجال.
ليست هذه المشاريع مجرد مسابح أو ساحات عامة، بل هي إشارات قوية إلى أن تونس بدأت تستعيد عافيتها. ما تحقق في البلفدير، والمنجي بالي، وبرشلونة، ليس سوى بداية مسار إصلاحي واعد، يُعيد للعاصمة رونقها، وللمواطن كرامته، وللدولة هيبتها.
