عاشت منطقة القلعة الخصبة خلال هذه الصائفة وتحديدا في الاسبوع الاول من شهر أوت الجاري على ايقاع الدورة الخامسة لمهرجان الألعاب وفنون الفرجة التقليدية الذي نظمته، بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وعدد من الهياكل العمومية بالجهة، جمعية الثقافة والفكر والفنون التي يرأسها الاستاذ جمال الدين الخلفاوي.
وعلى عكس المهرجانات الصيفية الأخرى والتي تقوم سهرات معظمها على الطابع الفرجوي اختارت منطقة القلعة الخصبة ان تتوجه بأنشطتها الصيفية نحو البعد الثقافي الهادف بعيدا عن الصخب الفرجوي وذلك من خلال تثمين تراثها المادي واللامادي عبر محمل ووسيط ثقافي هام تضمن تنشيط للمدينة بفرق الفنون الشعبية وماجورات قصر هلال.
وبتأطير من الجمعية التونسية للمحافظة على الألعاب الرياضية التراثية انتظمت مجموعة من الندوات قدمها خلاها الدكتور عزالدين بوزيد والأساتذة العبيدي الخلفاوي، حسنة محمدي و أكرم خبوشي و محمد ثليجان و الدكتور عبد الكريم الابيري والدكتور محمد التليلي والاستاذة رنين خلفاوي مجموعة من المداخلات حول” الألعاب الشعبية التراثية كموروث ثقافي ومهارات حياتية” وحول” التراث المادي و اللامادي”و”أنماط فرجوية متنوعة حسب خصوصية كل جهة”و”الأشكال التراثية الفرجوية في المسرح التونسي”
كما انتظمت ورشة صناعة السرج من تأطير الثنائي فاروق العبيدي و فارس وحرفي وورشة الفسيفساء من تأطير الفنان التشكيلي كمال الشيخاوي و مجموعة من الورشات في صناعة الحلي و صناعة الحلفاء من تأطير سعيدة الشارني وفي صناعة الصوف من تأطير عفاف الشقراني وفي صناعة الأجبان من تأطير الحرفية اشراق قاسمي
الى جاب هذا انتظمت مجموعة من المعارض في الصناعات التقليدية والأكلة الشعبية وصناعة الحلفاء وصناعة الصوف والفسيفساء وصناعة الأجبان والسرج ومجموعة من الابداعات اليدوية المختلفة و معرض صور لمواقع اثرية مختلفة من كامل جهات البلاد و معرض وثائقي حول الألعاب الشعبية وحول صناعة التحف الخشبية و الزي التقليدي
هذا وتضمن برنامج المهرجان تقديم مجموعة من العروض الفرجوية الغنائية التراثية وخاصة من خلال عرض لفنون الفرجة التقليدية لأنماط فلكلورية مختلفة من مختلف أماكن الجمهورية فعرض التيجانية من الكاف ثم عرض اسطنبالي من الجنوب التونسي وتقديم مجموعة عروض للفنون الشعبية مع فرقة الفنون الشعبية بالقصرين ومجموعة النجوم الخمسة بالجنوب ومجموعة الفنون الشعبية الفحولة بقلعة سنان و مجموعة الوهرة بالقلعة الخصبة الى جانب تقديم عدد من عروض الفروسية مع مجموعة فرسان الكاف و القصرين وعرض المداوري من مكثر و من القصرين
ومن بين أهم فقرات برنامج هذا المهرجان كذلك احتضان الملعب البلدي بالمكان لمجموعة من الالعاب الشعبية الرياضية و المسابقات في الالعاب الشعبية الفكرية من تأطير الاساتذة سهام مروشي، العبيدي خلفاوي، أكرم خبوشي و حسنة محمدي الى جانب تنظيم أمسية للشعر الشعبي مع مجموعة من الشعراء من الكاف و القصرين و قبلي ثم كان الاختتام مع توزيع الجوائز على الفائزين في مسابقات هذا المهرجان وتكريم المساهمين في انجاحه ودعمه .
ويحسب لهذا المهرجان انخراطه في توجّهات وزارة الشؤون الثقافية الداعية الى اضفاء الخصوصية على البرمجة الثقافية انطلاقا من البناء القاعدي الثقافي والمراهنة على تثمين التراث المحلي باعتبار كما أفادنا الاستاذ جمال الدين الخلفاوي مدير هذا المهرجان ان الألعاب الشعبية تمثّل جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي اللامادي لكل المجتمعات حيث ارتبطت ارتباطا وثيقا بتحديد هوية الأفراد واكتسبت المكانة الهامة في الممارسات الاجتماعية والاحتفالات الشعبية نظرا لما تحتويه من تنوع وثراء في المظاهر الأصلية،حيث تتميز بخصائص مغايرة عن الألعاب الحديثة،من كونها تنبع من البيئة التي وجدت فيها وذلك عبر تشبثها بالقيم الثقافية والاجتماعية الخاصة بالجماعة،فضلا عن كونها وسيلة للترفيه والتسلية والتعبير،تصقل الهوية الثقافية للأفراد عبر ما تقدمه من مدلول سياحي تراثي ومتنفس فرجوي يعرّف بتاريخ وتراث الأجداد وربط علاقات بين الماضي والحاضر من خلال الألعاب والفنون التقليدية الحاملة في طياتها العديد من الرموزالتاريخية والجمالية لتشكل طابعها الفني والثقافي عبر تحديد الهوية الوطنية.
كما أضاف ان هذه التظاهرة تمكّنت من تحقيق اهدافها من حيث المحافظة على المخزون الثقافي التونسي المتمثل في الفرجة التقليدية والألعاب الشعبية المحلية وابراز خصوصياتها ورمزياتها،إضافة إلى تبيان أهميتها الثقافية ودلالاتها الاجتماعية المتمثلة في الحفاظ على الهوية المجتمعية من الاندثار والنسيان.

منصف كريمي