تحولت منطقة بحر الأزرق بالمرسى إلى مشهد يشبه بحيرات، وذلك بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على المدينة ليلة الاثنين الماضي، وكانت كاشفة لهشاشة البنية التحتية وعجز الجهات المختصة في مجابهة الكوارث.

شوارع وأنهج البحر الازرق تحولت إلى برك مائية وأوحال طينية، مما شكل خطرا حقيقيا على المنازل وحركة السير والجولان، وهذا الوضع لم يكن مفاجئا للسكان الذين يرجعونه إلى “التجاوزات والخروقات” في مراقبة الأشغال.

ويرى عبد الحميد جراد، من متساكني المنطقة، أن الأمطار التي عرفتها المدينة خلال بعض الوقت من ليلة الاثنين الماضية كشفت عن هشاشة البنية التحتية بعدد من الشوارع والانهج والازقة، مضيفا أن “هذه الأمطار كشفت المستور، ويجب فتح تحقيق في جودة الأشغال”، حسب تعبيره.

هذه الامطار كان من المفترض أن تكون ظاهرة طبيعية عابرة، الا انها تحوّلت إلى مشهد فوضوي كشف هشاشة البنية التحتية وغياب رؤية تنموية واضحة. الطرقات التي فُتحت حديثًا غرقت في المياه والوحل، وكأنها لم تُنجز إلا لإرضاء آجال الميزانية لا لحاجة الأهالي. الإنارة العمومية انقطعت عن المنازل والطرقات، تاركة السكان في عتمة كاملة، بلا حماية ولا خدمات أساسية. المؤسف أن هذه المشاهد لم تكن استثناءً أو طارئة، بل صارت قاعدة مألوفة مع كل تهاطل للأمطار. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يُعقل أن مشاريع بمئات الآلاف من الدنانير تنهار عند أول اختبار طبيعي؟ وأي معنى للتنمية إذا كانت تعبيد الطرقات مجرد واجهة هشة تُخفي وراءها سوء تخطيط وتسرّع في الإنجاز؟ ما يحدث في البحر الأزرق ليس إلا صورة مصغّرة لمنوال إنفاق عمومي يلتهم ما تبقّى من ميزانيات البلديات، بلا متابعة ولا محاسبة. وإذا كانت بلدية المرسى وولاية تونس تكتفيان بتبريرات جاهزة، فإن الواقع اليومي للمواطنين يثبت أن المسؤولية الإدارية والسياسية أكبر من مجرّد “أمطار فوق التوقّعات”.

إن أهالي البحر الازرق لا يطلبون المستحيل: طرقات متينة، إنارة عمومية دائمة، أشغال تُنجز بالجودة المطلوبة وتُصان بانتظام. لكن ما يعيشه المواطنون اليوم هو عكس ذلك تمامًا. فإلى متى تبقى حياة الناس رهينة أمطار موسمية تفضح هشاشة البنية التحتية؟

محمد بلغيث