* أدخلت عناصر جديدة في النسيج .. فأصبح ذا أبعاد جمالية حائطية ثلاثية الأبعاد
أجرى الحوار منصور المبروك
الأستاذة الجامعية والفنانة التشكيلية زهور الزردي متحصلة على شهادة الأستاذية من المعهد العالي للفنون والهندسة المعمارية بتونس العاصمة.. وفي سنة 2000 أحرزت أول دكتوراه في اختصاص الفنون التشكيلية بتونس… وذلك تحت إشراف لجنة من جامعة السربون الفرنسية ترأسها الأستاذ الجامعي ” Jean Arrouye “…، مغرمة بالفنون التشكيلية ولا سيما الرسم والألوان والنسيج منذ الطفولة…

قضّت 32 سنة في التدريس إلى حد الآن منها 6 سنوات في التعليم الثانوي.. كما درّست بالمعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان وبالمعهد العالي للسياحة بالمهدية وبالمدرسة العليا للإكساء والموضة بالمنستير وهي تدرّس حاليا بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة منذ سنة 2002 … شاركت في عديد المعارض المحلية والوطنية وعديد المهرجانات على غرار المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس وفي عديد التربصات مع الديوان الوطني للصناعات التقليدية بالإضافة إلى عديد المداخلات والمحاضرات حول الفنون التشكيلية والنسيج الحائطي المعاصر…
مع الفنانة التشكيلية المبدعة والمختصة في النسيج والباحثة في التراث .. الدكتورة زهور الزردي… كان هذا الحوار الممتع..
شاركت في عديد المعارض الشخصية والمعارض الجماعية .. أليس كذلك؟
فعلا … في رصيدي 45 مشاركة في معارض جماعية فنية وبيداغوجية مع أساتذة جامعيين ومع اتحاد الفنانين التشكيليين.. وشاركت في صالون الصناعات التقليدية (جناح الابتكار) بالإضافة إلى عديد التربصات مع الديوان الوطني للصناعات التقليدية، وتربص بسويسرا حول النسيج وذلك سنة 1992، وزيارة المعهد الفنون الجميلة باسطمبول (تركيا) منذ عدة أشهر أي خلال السنة الحالية… كما شاركت مؤخرا وبالتحديد في شهر أفريل الماضي في مهرجان “نلسون مانديلا” في معرض جماعي بسوسة وكانت مشاركتي بـ6 لوحات مائية ومنسوجات حائطية.




وفي بداية السنة الحالية وبالتحديد في شهر جانفي 2025 شاركت في معرض شخصي تحت عنوان “لعبة الخيوط ” بمدينة اكودة (ولاية سوسة)، وتضمن المعرض العديد من المنسوجات الحائطية.. وتجدر الاشارة إلى أنه في رصيدي إلى حد الآن 7 معارض شخصية… بدايتها كانت سنة 1993 بنادي الطاهر الحداد بالمدرسة العتيقة بتونس وتضمن المعرض منسوجات حائطية معاصرة بـ”خيوط من الصوف ومواد مختلفة كالقصب والحلفاء ومواد طبيعية في مجملها نباتية” .. وآخرها كان معرضى الفردي بالمركب الثقافي بالمنستير بمناسبة شهر التراث في دورته 34 والذي اختتم يوم أمس الأحد 18 ماي 2025 … وقد تضمنت هذه المشاركة الأخيرة منسوجات حائطية وتنصيبات ثلاثية الأبعاد، والمنسوجات مستمدة من التراث (الجنوب التونسي) على غرار المرقوم / کلیم وذرف / کلیم شنني /کلیم طرابلسي… حيث أنني أستمد منها الأشكال والألوان وأعيد توزيعها بتركيبة معاصرة تعتمد على الحركة والإيقاع والتناسق في الألوان …






وما هي المشاريع التي تطمحين إلى تحقيقها في المستقبل ؟
أطمح للمشاركة في عدة معارض دولية خارج الحدود… سواء في دول عربية أو أوروبية (إيطاليا – فرنسا…) لمزيد الإطلاع عن كثب على تراث تلك البلدان وتجارب فنانيها التشكيليين في النسيج والرسوم المائية وغيرها من فروع الفن التشكيلي.
بمن تأثرت في عالم الفن التشكيلي ولا سيما النسيج ؟
تأثرت كثيرا بأستاذي الفنان التشكيلي رفيق الكامل والأستاذ عمر بن محمود (نحات) والأستاذ خليفة شلتوت (نحات على البلور) والفنان التشكيلي الهادي التركي .. بالإضافة إلى أستاذتي ميشلين حمروني التي تتلمذت عليها في مجال تاريخ الفن بأوروبا .. وكذلك الفنان حميدة وحّادة من قفصة في اختصاص النسيج… وأيضا الفنان التشكيلي الأمريكي “جاكسون بولراك” في الرسم حيث مزجت تقنيتي النسيج الملطائي والخرطوى و تجاوزت ذلك بابتکارات معاصرة أدخلت خلالها خيوط النيلون في عديد المنسوجات.
باعتبار أنك مختصة في النسيج… هل من لمحة عنه ؟
كان النسيج في الأصل حاجة إنسانية ذا طابع نفعي ويعتمد اللباس والغطاء والمفروشات کاحتیاج الإنسان لمختلف الضروريات … ليتطور لاحقا ويشتمل علی رموز من الحياة اليومية مع اتخاذه أبعادا جمالية وتعبيرية خاصة من خلال اعتماده على النسيح الملطائي والتي نلاحظها خاصة في الكليم القفصي والكليم الوذرفي والتي تبرز فيها بوضوح رموز لها علاقة بحالتي الترحال والاستقرار التي شهدها أهل الجنوب التونسي… فبرزت رسوم الحوت وغيرها من الرسوم التي يسود الاعتقاد بأنها تحمي من العين والحسد …
وفي بداية القرن العشرين أصبح النسيج ناقلا للواقع من خلال الرسوم التشخيصية الواقعية والتي مهدت الطريق لظهور تيار الواقعية في فن النسيج وهو التيار الذي تأثر به الفنان المرحوم حميدة وحّادة من قفصة ويظهر ذلك جليا في منسوجاته المزدانة بأجواء الأعراس والمناظر الطبيعية ومشاهد من الحياة البدوية …







ويمكن القول بأن “فن النسيج” تأثر كثيرا بفن الرسم الزيتي .. أليس كذلك؟
نعم فقد تأثر فن النسيج بفن “الرسم الزيتي” فاصبح تجريديا وتشخيصيا … حيث برزت تيارات فنية في مجال النسيج المعاصر أدخلت مواد جديدة على غرار خيوط النيلون والخزف لتصبح المنسوجات ذات بعد “استيتيقي” وجمالي حائطي … وفي هذا السياق تعتبر الفنانة الأمريكية الشهيرة “شايلا إيكس” احدی علامات هذا التحول…
وبالنسبة لتجربتي الشخصية فيمكن القول بأنني اعتمدت فيها مواضيع تجريبية تلقائية…
أي علاقة بين الفنون عموما ولا سيما النسيج … بالتراث ؟
ونحن نختتم شهر التراث الذي انتظم ببلادنا من 18 أفريل إلى 18 ماي 2025 في دورته الرابعة والثلاثين. يمكن القول بأن علاقة وطيدة تربط الفن عامة وخاصة النسيج التقليدي بالتراث…
فالتراث هو ذاكرة البلدان والشعوب وهو هويتهم وأصالتهم وتاريخهم… لذلك تولي كل الدول أهمية بالغة للفنون والتراث (المادي واللامادي)..
وما تأثير النسيج الصناعي والذكاء الاصطناعي في النسيج اليدوي التقليدي ؟
أكاد أجزم بأن الأعمال الفنية عموما ولا سيما في مجال الرسم الزيتي والنسيج والتي ارتكزت على التقنيات التكنولوجية المتطورة على غرار الذكاء الاصطناعي .. ليس بإمكانها أن تضاهي وتنافس الأعمال الفنية المنجزة يدويا وبمواد وخامات طبيعية .. فالإبداعات الفنية التقليدية واليدوية لها نكهة خاصة وجوانب إبداعية خفية وغير جلية أحيانا ولا يدركها إلا أهل الاختصاص…
وحتى في البلدان الأوروبية وخاصة في فرنسا لاحظنا عودة لكل ماهو يدوي وتقليدي خاصة في فن النسيج … فالعمل الفني اليدوي له مميزات وخصائص ولمسات فنية لا يمكن أن يبدعها التقدم التكنولوجي والذكاء الإصطناعي..
منصور المبروك