
شارك السيد سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية UTICA Tunisie، يوم أمس الجمعة 4 جويلية 2025، بأحد نزل العاصمة، في موكب إحياء الذكرى الثلاثين لإطلاق برنامج التأهيل الصناعي، تحت إشراف السيدة فاطمة الثابت شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة.
وشارك في هذه المناسبة سفيرة ألمانيا بتونس السيدة Elisabeth WOLBERS وسفير إيطاليا بتونس Alessandro PRUNAS وسفير جمهورية السينغال بتونس السيد Mustapha SOW إلى جانب مشاركة عدد هام من ممثلي البعثات الديبلوماسية والمؤسسات الوطنيّة والدولية والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين وعدد من الإطارات العليا للوزارات المتداخلة في البرنامج والمؤسسات تحت الإشراف، كما حضر اللقاء عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد.
وأكد رئيس الاتحاد، خلال كلمته أن برنامج التأهيل الذي انطلق سنة 1995 يُعدّ مشروعًا طموحًا واستشرافيًا ساهم بعمق في إعادة هيكلة النسيج الاقتصادي الوطني، وأن هذا المسار مثّل ثمرة جهود مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص والجهات الشريكة والمؤسسات وكامل المنظومة الاقتصادية بهدف تحديث الاقتصاد التونسي وتعزيز قدراته التنافسية.
وأضاف أن إطلاق البرنامج جاء استجابةً لتحدي فتح الاقتصاد الوطني خاصة في سياق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتمثّل الهدف الرئيسي في دعم تنافسية النسيج الصناعي، ومرافقة المؤسسات في عملية التحديث وتحضير البلاد للتكيف مع التحولات الاقتصادية العالمية.

وأشاد السيد سمير ماجول بالنتائج الملموسة التي تم تحقيقها خلال 30 سنة ومن أبرزها مرافقة آلاف المؤسسات وخلق وتثبيت مئات الآلاف من مواطن الشغل وإنجاز استثمارات تكنولوجية وتنظيمية وإدارية وبروز ثقافة الجودة والأداء والابتكار داخل النسيج الصناعي وظهور علامات صناعية تونسية على مستوى دولي، مشددا على أن البرنامج لم يكن مجرد أداة تقنية أو مالية بل كان رافعة استراتيجية للتحول ومنصة كشفت عن الطاقات الكامنة في الاقتصاد الوطني وساهمت في دفع عجلة التغيير.
وذكّر رئيس الاتحاد بالدور الفاعل لاتحاد الصناعة والتجارة في حوكمة البرنامج، مشددًا على التزام المنظمة في دعم المؤسسات والمطالبة بتوسيع مجالات التدخل والمساهمة في تحسين آليات التقييم وقياس الأثر، مؤكدا أن الحوار بين القطاعين العام والخاص هو مفتاح كل إصلاح اقتصادي ناجح والبرنامج يُمثّل نموذجًا حيًا على ذلك.
كما أقرّ رئيس الاتحاد في كلمته بأن المسار لم يكن خاليًا من التحديات، إذ واجهت المؤسسات تحولات جيوسياسية وتقنية ومتطلبات متزايدة من الأسواق الدولية فيما يتعلق بالجودة والاستدامة والتتبع، ورغم هذه التحديات تمكّنت جميع الأطراف من تحويل الصعوبات إلى فرص، مع تأكيده أن التأهيل ليس محطة عابرة بل مسار دائم ومتجدد، وأن برنامج التأهيل لم يكن امتيازًا بل استثمارًا من الدولة في مستقبلها الصناعي، حيث ساهم في خلق قيمة مضافة ونمو وإيرادات جبائية، مشيرا إلى أن المؤسسات التي انخرطت في هذا المسار خاضت المغامرة، وتطورت وتوسعت وابتكرت، ونجحت في التموقع في أسواق التصدير.
ودعا رئيس الاتحاد إلى القطع مع النظرة المشككة تجاه القطاع الخاص، مؤكدًا أن الوطنية الاقتصادية حقيقية، ويُعبّر عنها يوميًا رجال ونساء أعمال يكافحون من أجل الإنتاج و التصدير والمحافظة على مواطن الشغل، موضحا أن هناك جملة من التحديات التي تواجه الصناعة التونسية حاليًا، منها ارتفاع التكاليف والمنافسة غير الشريفة والحواجز الجمركية وغير الجمركية والصعوبات اللوجستية والنفاذ إلى التمويل وتعقيد الإجراءات والتحول الرقمي والتحديات البيئية، مبرزا أن هذه العوامل تتطلب استجابات جريئة ومنظّمة ومقاربات جماعية مسؤولة.
كما دعا السيد سمير ماجول إلى إطلاق جيل ثانٍ من برنامج التأهيل (جيل 2.0)، يكون أكثر استهدافًا ومرونة واستجابة، ومبنيًا على الحوكمة الشفافة ومؤشرات تقييم واضحة، ويتضمّن مراجعة دورية لأثر التدخلات، وحدّد المجالات ذات الأولوية في هذا الجيل الجديد بالصناعة 4.0 والرقمنة والاقتصاد الأخضر والأزرق والانتقال إلى الاقتصاد الدائري وتعزيز صمود المؤسسات الصغرى والمتوسطة وغزو أسواق جديدة ودمج الشباب والمناطق الداخلية والمؤسسات الناشئة.
وأوضح رئيس الاتحاد أن الطموح هو تحويل المؤسسة التونسية إلى مؤسسة منفتحة وفعالة ومندمجة عالميًا، ولتحقيق هذا الهدف دعا إلى توفير إطار قانوني محفّز ومرن ومناخ أعمال مستقر وتنافسي وسياسة صناعية متناغمة مع متطلبات العصر واستمرارية السياسات الداعمة للاستثمار والتنافسية، بما في ذلك نظام جبائي يُشجع على النمو، مجددا التزام الاتحاد بهذه الرؤية، داعيًا جميع الشركاء، محليين ودوليين، من القطاعين العام والخاص، إلى مواصلة العمل المشترك بثقة وعقلانية وطموح.
وعلى هامش أشغال هذه التظاهرة، تمّ عرض شريط وثائقي يبرز بعض نجاحات البرنامج، كما تضمّن البرنامج تنظيم ورشتين بمشاركة نخبة من إطارات الدّولة وممثلي الهيئات الدبلوماسية والمؤسسات الاقتصادية، تطرقت الى مجموعة من المحاور على غرار دور وكالة النهوض بالصناعة والتجديد في دعم باعثي المشاريع من خلال منظومة متكاملة للإحاطة والمرافقة ودور برنامج التأهيل الصناعي في دعم تنافسية المؤسسات الصناعية.
كما أشرفت الوزيرة على تكريم عدد من المؤسسات الصناعية نجحت في تطوير قدراتها الإنتاجيّة والتنافسيّة وأسهمت في تعزيز مكانة الصناعة التونسيّة في الأسواق الداخلية والعالميّة.

