
لأنني اضطررت للبقاء بالمنزل هذا الصباح، قصدت المقهى متأخرا..
جلست إلى “جماعتي” كالعادة وقد كان إلى جانبي في طاولة أخرى رجل يبدو أنه متقاعد يتجوّل بهاتفه الجوّال بين فيديوهات صفحات الفايسبوك..
ومن فيديو إلى آخر، كان الصوت عال..
فمرّة أغنية.. ومرّة رقص.. وأخرى ضحك.. وأخيرة حوارات وفتاوي من الشرق والغرب ما انزل الله بها من سلطان..
ونحن إلى جانبه “مفروض” علينا أن نسمع صخب هاتفه وان نتابع السخافات والسّذاجات غصبا عنّا..
واحترام الآخر في المقهى العام ثقافة أخرى لا يدركها كثيرون..
وفي طاولة “جماعتي” كان الحديث ساخنا عن أعوان المؤسّسات العمومية الذين يتنقّلون يوميا بين المساكن.. يدخلون على الناس في بيوتهم.. ويُسدون الخِدْمات المطلوبة دون أن يكونوا حاملي زي المؤسسة التي ينتمون إليها.. ولا حتّى الإذن الخاص بأي تدخّل..
ومثال ذلك كثير..
اعوان المؤسسات العمومية للهاتف والانترنات لا تعرفهم إلا بسياراتهم التي تحمل علاماتهم..
أعوان شركات المناولة التابعة للمؤسسات الإتصالية المذكورة لا شيء يدل على انتمائهم لشركاتهم اصلا..
انت تُعلم التيليكوم أو غيرها من المؤسسة التي يعود إليها خطك لتعلمها بالعطب الحاصل لديك.. ومن الغد، يهاتفك عون برقم خاص به ثم يحل بعنوانك ويدخل بيتك ليقوم بما يجب القيام به تقنيا.. ثم يغادر..
ومظهره الخارجي لا يدل على انتمائه للشركة المتدخّلة..
بل أكثر من هذا، هو يُسدي الخدمة ويمضي دون أن يطلب منك أن تمضي له على وثيقة إثبات إصلاح العطب..
والله أعلم بماذا هو صرّح لشركته بعد تدخّله..
وبماذا صرّحت شركته للمؤسسة العمومية التي كلّفتها بمثل هذه المهام..
مثال هذا ايضا، أعوان شركة الماء وشركة الكهرباء الذين يأتون المحلات والمنازل دوم زي خاص وأحيانا كثيرة لا نعرفهم إلا بشاحناتهم..
وقِس على هذه الأمثلة كثير..
أليس في هذا سوء تصرّف إداري من قِبَل من اعتمدوا على شركات مناولة وتغافلوا على ما يفيد قيام هذه الشركات بالمطلوب..
قال جُلاّسي كلّ هذا فقلت :
في وزارة الصحة مثلا، اعوان شركات المناولة يحملون زيّا خاصا بهم وهو زيّ مختلف عن ازياء الأعوان الطبيين وشبه الطبيين ومن إلى ذلك المنتمون لكل مستشفى ومجمع صحّة..
كذلك اعوان ديوان التطهير الذين هم حاملين دائما لأزيائهم عند كل تدخلّ إضافة إلى قدومهم بسيارات أو شاحنات مؤسّستهم.
الحبيب العربي